وروى البخاري ومسلم وأحمد وابن أبي شيبة عن أبي هريرة وأبي سعيد أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما يصيب المؤمنَ من وَصَب، ولا نصب، ولا سقم، ولا حزن، حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته ".
وروى البخاري ومسلم وأحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفَّر الله بها عنه، حتى الشوكة يشاكها ".
نأخذ من هذه الروايات كيف كان الصحابة الكرام عليهم الرضوان، يتفاعلون مع آيات القرآن ويفهمون نصوصه، ويستقبلونها، ويتعاملون معها بكيانهم كله ومشاعرهم جميعها.
فهذه الآية: {مَنْ يَعْمَلْ سوءاً يُجْزَ بِهِ}، تقرر أن من يعمل سوءاً يُجزى به، وقد خاف الصحابة منها على حياتهم وأعمالهم ولهذا قالوا: كيف الصلاح بعدها؟ وما نفع العمل بعدها؟.
ونأخذ من هذه الروايات اعتراف الصحابة بأنهم قد يعملون سوءاً، وقد يقعون في مخالفات، وأنهم غير معصومين، وتواضعهم أمام ربهم، وشعورهم بتقصيرهم، وعدم تكبرهم، وعدم اغترارهم بصحبتهم وأعمالهم، لنقتدي بهم في هذا الاعتراف والشعور.
لقد حمل الصحابة المجازاة على السوء التي تقررها الآية على الحساب الأخروي، وعلى التعذيب في النار يوم القيامة، وفهموا منها أن كل من أذنب ذنباً في الدنيا سيعذب به يوم القيامة، ولهذا لن ينجو أحد من المسلمين من النار، حتى ولو كان أبا بكر الصديق أو أحد المبشرين بالجنة من الصحابة.