هو: تقلُّب الرسول عليه الصلاة والسلام في الرجال المؤمنين منذ آدم عليه السلام وحتى والده عبد الله، وتنقُّله في أصلابهم واحداً واحداً، وإنّ هؤلاء كلهم كانوا ساجدين لله وحده، عابدين وموحدين له. {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} وهذا القول ليس صحيحاً، وهذا الفهم للآية محرِّف لمعناها.
إن الآيات التي أوردناها تخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم. وتأمره بالتوكل على ربه العزيز الرحيم، وتشير إلى فضل الله عليه، وحفظه ورعايته له، وكونه معه في كل حالاته، ينصره ويعينه. وتشير تلك الآيات إلى حالتين من حالات الرسول عليه الصلاة والسلام، وتجعل هاتين الحالتين خاضعتين لرؤية الله له ورعايته لأموره، حالة الرسول عليه السلام وهو وحده خالياً، وحالته وهو مع المسلمين واقفاً بينهم.
تقول له: إن الله يراك حين تقوم لتصلي وحدك، بحيث لا يراك أحدٌ من الناس، وغالباً ما يكون هذا في صلاة التهجد في الليل.
كما أن الله يراك حين تكون مع أصحابك المسلمين، يراك -ويراهم- وأنتم تصلون لله وتسجدون له، يراك وأنت تتقلب بينهم ومعهم ساجداً لربك، وهم ساجدون حولك. يراك حين تقوم تصلي وحدك، ويراك حين تصلي مع أصحابك، وتسجد معهم، وهم يسجدون.
وهذا ما فهمه من الآيات علماء السلف من الصحابة والتابعين:
قال ابن عباس: يراك حين تقوم للصلاة.
وقال عكرمة: يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين. قيامه وركوعه وسجوده وجلوسه.
وقال قتادة: يراك حين تقوم. يراك قائماً وقاعداً وعلى حالاتك.