وبعد ما يملك الناظر في آيات القرآن الأدوات التي أشرنا إليها، ويُحصِّل طرفاً من العلوم التي تحدثنا عنها، فإننا نضع بين يديه طائفةً من الآداب التي عليه مراعاتها، من أجل دقة النظر، وحسن الفهم، وصحة التفسير، وصوابية الاستنباط:
1 - أن يتمتع بقسطٍ من الذكاء وحسن الفهم وجودة القريحة، وأن يملك موهبةً فذة، تعينه على الوقفة الصحيحة أمام الآية، والالتفات إلى لطائفها وإيحاءاتها وإشاراتها، ولفتاتها الخفية التي قد تخفى على كثيرين.
2 - أن يعيش الإسلام عملياً، وأن يطبق توجيهاته على حياته، وأن يكون سلوكه وفق أحكامه، وأن يكون عمله ترجمةً لفكره، ليزداد علماً وفهماً وفطنة. وذلك لأن " العلم يهتف بالعمل فإن أجابه، وإلا ارتحل "، و" من عمل بما علم ورَّثه الله علم ما لم يعلم "، و {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}.
3 - أن يمارس الرياضة العقلية اليومية، وأن ينشِّط ذاكرته وحافظته وفطنته - بفن التفكير وفن الشعور وفن التأمل - ليستطيع استخراج معاني ولفتات وإشارات الآيات.