والعلة هي التي أسلفنا، هي أن الذي لا يحكم بما أنزل الله، يرفض ألوهية الله، فالألوهية من خصائصها ومن مقتضاها الحاكمية التشريعية، ومن يحكم بغير ما أنزل الله يرفض ألوهية الله وخصائصها في جانب، ويدّعي لنفسه هو حق الألوهية وخصائصها في جانب آخر، وماذا يكون الكفر إنْ لم يكن هو هذا وذاك؟ وما قيمة دعوى الإيمان أو الإسلام باللسان، والعمل -وهو أقوى تعبيراً من الكلام- ينطق بالكفر أفصح من اللسان؟!

إن المماحكة في هذا الحكم الصارم الجازم العام الشامل، لا تعني إلا محاولة التهرب من مواجهة الحقيقة، والتأويل والتأوُّل في مثل هذا الحكم لا يعني إلا محاولة تحريف الكلم عن مواضعه، وليس لهذه المماحكة من قيمةٍ ولا أثر، في صرف حكم الله عمن ينطبق عليهم بالنص الصريح الواضح الأكيد ".

ويقول سيد عن الصفة الثانية {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}: " والتعبير عام، ليس هناك ما يخصصه، ولكن الوصف الجديد هنا هو " الظالمون " وهذا الوصف الجديد لا يعني أنها حالةٌ أخرى، غير التي سبق الوصف فيها بالكفر، وإنما يعني إضافة صفةٍ أخرى لمن لم يحكم بما أنزل الله.

فهو كافرٌ باعتباره رافضاً لألوهية الله سبحانه، واختصاصه بالتشريع لعباده، وبادعائه هو حق الألوهية بادعائه حق التشريع للناس وهو ظالمٌ بحمل الناس على شريعةٍ غير شريعة ربهم، الصالحة المصلحة لأحوالهم، فوق ظلمه لنفسه بإيرادها موارد التهلكة، وتعريضها لعقاب الكفر، وبتعريض حياة الناس -وهو معهم- للفساد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015