وعن علقمة ومروان أنهما سألا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن الرشوة، فقال: من السحت. فقالا: أفي الحكم؟ قال: ذاك الكفر. ثم تلا الآية: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}.
وعن السدي التابعي: ومن لم يحكم بما أنزل الله: ومن لم يحكم بما أنزلت، فتركه عمداً، وجارَ وهو يعلم، فهو من الكافرين.
وقال الطبري في تفسير هذه الآيات: " إن الله تعالى عم بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم على سبيل ما تركوه كافرين، وكذلك الحكم في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحداً به، هو بالله كافر ".
وقال ابن كثير عن تشريعات التتار وجنكيزخان والباسق الذي شرّعه للناس: " فمن فعل ذلك منهم، فهو كافرٌ يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يُحكَّم سواه في قليل ولا كثير ".
وقال شارح العقيدة الطّحاوية: " إنّ الحكم بغير ما أنزل الله قد يكون كفراً مخرجاً عن الملة، وقد يكون معصيةً كبيرةً أو صغيرة، وهذا الكفر إما مجازياً، وإما كفراً أصغر -على القولين السابقين- ذلك بحسب حال الحاكم: فإنه إن اعتقد أنّ الحكم بما أنزل الله غير واجب، وأنه مخيرٌ فيه، أو استهان به، مع تيقنه أنه حكم الله، فهذا كفرٌ أكبر ".
وقال الشيخ محمد رشيد رضا في المنار: " ذهب بعضهم إلى أن الكفر مشروطٌ بشرطٍ معروفٍ من القواعد العامة، وهو أن من لم يحكم بما أنزل الله منكراً أو راغباً عنه، لاعتقاده بأنه ظلم، مع علمه بأنه حكم الله، ونحو ذلك، مما لا يجامع الإِيمان والإذعان.
ولعمري إن الشبهة في الأمراء الواضعين للقوانين أشد، والجواب عنهم أعسر، وهذا التأويل في حقهم لا يظهر، وإن العقل يتعسر عليه أنْ يتصور أنَّ