مناهج وتشريعات الكفار؛ قالوا إن الآيات لا تتحدث عن حكام اليوم، وإن الأوصاف التي فيها لا تنطبق على حكام اليوم.
قال هؤلاء: إن هذه الآيات وما فيها من صفات إنما تتحدث عن المِلل والأقوام قبل الإسلام، وقبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنها تتحدث عن اليهود والنصارى. وحجتهم في ذلك أن الكلمات للآيات تقصرها على اليهود والنصارى.
قالت الآية الأولى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللهِ}، فالكلام عن التوراة والحكم بها، والتوراة لليهود، وطالب الله الربانيين والأحبار بأن يحكموا بما أنزل الله، فإن لم يفعلوا ذلك فهم كافرون، ولذلك ختمت الآية بتلك الصفة: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}. والآية الثانية تعرض بعض الأحكام الواردة في التوراة في موضوع القِصاص. ثم ختمت بصفة عامة على الأحبار والربانيين الذين لم يحكموا بها: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}. أما التي تصف من لم يحكم بما أنزل الله بالفسق، فإنها تتحدث عن النصارى وتطالبهم بالحكم بالإنجيل فإن لم يفعلوا ذلك فهم فاسقون: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.
فالصفات الثلاثة " الكافرون، الظالمون، الفاسقون " -عند هؤلاء- موجّهة لليهود والنصارى ومنطبقة عليهم، فلماذا يعممها مسلمون معاصرون؟ ولماذا يجعلونها منطبقةً على الحكام المعاصرين، الذين لم يحكموا بما أنزل الله؟ ويقوم هؤلاء الذين يشغلون وظائف إسلامية رسمية عند حكام لا يحكمون بما أنزل الله، بتخطئة المسلمين الآخرين الذين فهموا منها العموم.
ومن هؤلاء من يوزع الصفات الثلاثة " الكافرون، الظالمون، الفاسقون "