والذي دفعني إلى الحديث في تصحيح المفاهيم هذه المرة والمرة التي قبلها هو إدراكي التام ما عليه عامة المسلمين - كما يدرك غيري- من تصورات بعيدة عن حقيقة الإسلام في الموضوعات المذكورة وغيرها في جوانب الإسلام حتى صار البون شاسعاً بينهم وبين المنهج المحمدي الذي أشار إليه النبي عليه الصلاة والسلام بقوله:" تركتكم على بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك " وعلى الرغم من هذا التوجيه النبوي المتضمن للإنذار فقد زاغ جمهور المسلمين عن المنهج فصاروا يعملون خارج المنهج في جوانب كثيرة، مغيرين بذلك مفاهيم وتصورات كثيرة فحياة المسلمين اليوم أقرب إلى الجاهلية التي قبل مبعث النبي منها إلى الحياة الإسلامية مما جعل حياتهم مغايرة لحياة الرعيل الأول من الصحابة والتابعين الذين أخذوا تلكم المعاني من صاحب الشريعة مباشرة أو بسند عال ولعل سر ذلك انصراف الناس عن دراسة مصادر الإسلام الأصلية وتسرب كثير من عادات وتقاليد غير إسلامية إلى صفوف المسلمين. كالهندوكية والبوذية والثقافة اليونانية. وهذا التركيب المزجي خلف في صفوف المسلمين ريبة مدللة ومضللة في الوقت ذاته أطلق عليها "الصوفية" وكنتيجة حتمية لوجودها كثر المحترفون باسم الدين بعد أن لقبوا أنفسهم برجال السلوك فسلكوا بأتباعهم غير سبيل المؤمنين وصنفوا أنفسهم كالآتي:-

العارفون بالله- والأقطاب – والأوتاد.

أيها الأخوة لا نعلم أن المسلمين ابتلوا ببلية أو أصيبوا بمصيبة أعظم وأخطر من مصيبة الصوفية إذ من بابهم دخلت على المسلمين تصورات أجنبية ومفاهيم غربية لا عهد للمسلمين بها في ماضيهم بل هي باب لكل بدعة دخلت على عبادة المسلمين وعقائدهم التي منها هذه التصورات الطارئة على المعاني أو النقاط التي سوف أتناولها بالبحث في هذه العجالة محاولاً بيان التصور الصحيح لها والتصور غير الصحيح لعلي أكون أديت بذلك بعض ما يجب أداؤه من واجب النصح لعامة المسلمين لأني لا أريد بمحاضرتي هذه أداء واجب الموسم الثقافي للجامعة فحسب بل أرجو أن تصل هذه المحاضرة يوماً إلى أيدي من تعنيهم وتتحدث عنهم وعن سوء فهمهم فتصحح لهم تصوراتهم تلك بإذن الله في هذه الجوانب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015