صاحب (التتمة) بما ذكرنا، ونص الشافعي رضي الله عنه، أنه لو وكله ليفرق ثلثه على الفقراء - ليس له صرفه إلى نفسه وإن كان فقيرا أو مسكينا. ووجه القاضي أبو الطيب في تعليقه، بأن المذهب الصحيح: أن المخاطب لا يدخل في أمر المخاطب إياه في أمر غيره، قال: فإذا أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يأمر أمته أن يفعلوا كذا، لم يدخل هو في ذلك الأمر. انتهى.

واحترز بقوله: (بلفظ يتناوله) عما إذا أمر بلفظ خاص، فإنه لا يدخل الأمر تحته قطعا وقد اعترض على المصنف فقيل: كيف يجتمع هذا مع قوله في آخر العام: الأصح أن المخاطب داخل إن كان خبرا لا أمرا.

وقد اعترف بجودة السؤال ثم انفصل عنه وقال: الامر يطلق على (المنشئ) وعلى المبلغ عن المنشئ فقول الله سبحانه أمر بطريق إنه المنشئ الحاكم بمضمون الأمر، وهذا بطريق الحقيقة ويطلق على النبي صلى الله عليه وسلم بطريق المجاز باعتبار أنه المبلغ عن الله تعالى. إذا عرفت هذا فالأمر بلفظ يتناوله قد يجيء بغيره كالتثنية والجمع غير المحلى، إذا تحقق دخول فيهما بطريق من الطرق وحاصل أن موضوع المسألتين مختلف: فمسألة الأمر في الإنشاء من منشئ أو مبلغ، ومسألة العموم في الخطاب أعم من أن يكون إنشاء أو خبرا ولا يخفى ما فيه من التعسف مع وروده في الصورة التي يجتمعان فيها، ولو جمع بينهما يحمل المذكور هنا على ما إذا كان الخطاب يتناوله كقوله: إن الله يأمركم بكذا، وقوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم} ونحوه.

عملا بعموم الصيغة والمذكور ثم على ما إذا لم يكن اللفظ متناولا له كقوله: {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} فلا يدخل فيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015