ثابت في أوامر الشرع بدليل من خارج، وحينئذ فالوجوب مستفاد بهذا التركيب من الشرع واللغة، فقد وافق القائلين بالوجوب وإن كان قد خالفهم في هذا، واعتمد المصنف في هذا النقل المازري فإنه قال في (شرح البرهان): هذا الذي اختاره إمام الحرمين صرح به الشيخ أبو حامد الإسفرائيني وسبقه إلى اختياره فأشار إلى أن الأمر يقتضي حصر المأمور على الفعل واقتضاؤه منه اقتضاء جازما، ولكن إذا ثبت هذا من جهة اللسان ثبت بعده الوعيد، قال المصنف: وهو المختار عندنا، فإن الوعيد لا يستفاد من اللفظ، بل هو أمر خارجي عنه، ولكنا نقول: المنقول عن الشافعي رضي الله عنه: أن الصيغة تقتضي الوجوب، ومراده الصيغة الواردة في الشرع إذ لا غرض له في الكلام في شيء غيرها، ولم يصرح الشافعي بأن اقتضاءها للوجوب مستفاد منها فلعله يرتضي هذا التركيب ويقول به، وهذا المذهب يغاير المذهبين السابقين صدر المسألة، أعني: القول بأن الوجوب هل هو بالشرع أو باللغة فتصير المذاهب ثلاثة: الوجوب بالشرع، والوجوب باللغة، والوجوب بضم الشرع إلى اللغة.
(ص) وفي وجوب اعتقاد الوجوب قبل البحث خلاف العام.
(ش) ما سبق في صيغة (افعل) من حيث هي، فأما إذا صدرت من الشارع مجردة عن القرائن وجب الفعل، عملا بالحقيقة وهل يجب اعتقاد أن المراد بها الوجوب قبل البحث عن الكون المراد بها؟ ذلك فيه خلاف العام في وجوب اعتقاد عمومه قبل البحث عن المخصص، وسيأتي إن شاء الله تعالى في مباحث العام، وهذه المسألة قل من ذكرها، وممن صرح بجريان الخلاف هنا: الشيخ أبو حامد الإسفرائيني فكتابه في (الأصول) وابن الصباغ في (العدة).