زَيدٌ أو عَمْرٌو، إذا كُنْتَ تَعْلَمُ القائمَ منهما، إلاَّ أنَّك قَصَدْتَ الإيهامَ على المُخاطَبِ، ومنه قولُه تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ} والفرْقُ بينَهُما: أنَّ الشَّكَّ من جِهَةِ المُتَكَلِّمِ والإبْهامِ من جِهَةِ السامِعِ، وجَوَّزَ القِرَافِي في الإبِهامِ قراءَتَه بالمُوَحَدَّةِ والمُثَنَّاةِ؛ لأنَّ المقصودَ التلْبِيسُ على السامِعِ، ومثالُ التخْييرِ وهي الواقعةُ بعدَ الطَّلَبِ، وقيلَ: ما يُمْنَعُ فيه الجَمْعُ نحوَ: تَزَوَّجْ هنداً أو أُخْتَها، وخُذْ من مالِي دِرْهَماً أو دِيناراً.

واسْتُشْكِلَ على التفسيرِ الثاني تَمْثِيلُ الأَئِمَّةِ بآيَتِي الكفَّارَةِ والفِدْيَةِ، للتَّخْييرِ معَ إمْكانِ الجَمْعِ، وأَجَابَ صاحبُ (البسيطِ) من النحْويينَ بأنَّه إنَّما يَمْتَنِعُ الجَمْعُ بينَهما في المحظورِ؛ لأنَّ أحدَهما يَنْصَرِفُ إليه الأمَرُ، والآخَرُ يَبْقَى محظوراً لا يَجُوزُ له فِعْلُه، ولا يَمْتَنِعُ في خِصالِ الكفَّارَةِ؛ لأنَّه يأتِي بمَا عدا الواجبُ مُتَبَرِّعاً ولا مَنَعَ من التبَرُّعِ، ولم يَذْكُرْ المُصَنِّفُ الإبَاحَةَ، ومنهم مَن غَايَرَ بينَهما وبينَ التخييرِ، ومثلُ الإبَاحَةِ بما يَجُوزُ الجَمْعُ بينَهما نحوَ: أَصْحَبَ العلماءُ أو الزهادُ، والتخييرُ بما يُمْنَعُ الجمعُ نحو: خُذْ الثوْبَ أو الدينارَ، والظاهرُ أنَّهما قِسْمٌ واحدٌ؛ لأنَّ حقيقةَ الإباحةِ هي التخييرُ، وإنَّما امتنع الجمع في الثوب أو الدينار للقرينة العرفية لا من مدلول اللفظ، كما أن الجمع بينَ صحبة العلماء والزهاد وصف (69 أ) كمال لا نقص فيه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015