كلِّ مَوْضِعٍ. وتَكَلَّفَ تَخْرِيجَ ما خَفِيَ فيه ذلك، وذَهَبَ الفارسيُّ إلى أنَّها قد تَرِدُ لهُما وهو الأكثرُ، وقد تَتَمَحَّضُ للجوابِ وَحَدَه، نحوَ قولِك: أُحِبُّكَ. فتقولُ: إذنْ أَظُنَّكَ صَادِقاً. فلا يُتَصَوَّرُ هنا الجزاءُ، وحُمِلَ كلامُ سَيبَوَيْه على ذلك كما قالَ في (نَعَمْ): إنَّها عُدَّةٌ= وتصديقٌ باعتبارِ حالَيْنِ.
وقالَ بعضُ المُتَأَخِّرِينَ: (إذن) وإنْ دَلَّتْ على أنَّ ما بعدَها مُتَسَبِّبٌ عمَّا قَبْلَها ـ على وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُما: أنْ تَدُلَّ على إنشاءِ الارتباطِ والشَّرْطِ بحيثُ لا يُفْهَمُ الارتباطُ من غيرِها في ثاني الحالِ، فإذا قلتَ: أَزُورُك. فقلتَ: إذنْ أَزُورَكَ. فإنْ أَرَدْتَ أنْ تَجْعَلَ فِعْلَه شَرْطاً لفِعْلٍ، وإنشاءُ السبَبِيَّةِ في ثاني حالٍ من ضرورتِه إنَّها تكونُ في الجوابِ وبالفِعْلِيَّةِ في زمانٍ مُسْتَقْبَلٍ.
والثاني: أنْ تكونَ مُؤَكِّدَةُ جوابٍ ارْتَبَطَ بمُتَقَدِّمٍ، أو مُنَبِّهَةٍ على سببٍ حَصَلَ في الحالِ، نحوَ: إنْ آتَيْتَنِي إذنْ آتِكَ، وواللهِ إذنْ أفَعْلَ، وإذنْ أُظُنَّكَ صادقاً، تقولُه لمَنْ حَدَّثَكَ، فلو حَذَفْتَ (إذنْ) فُهِمَ الرَّبْطُ، وإذا كانَ بهذا المعنَى ففي دُخُولِها على الجُمْلَةِ الصريحةِ، نحوَ: إنْ يَقُمْ زيدٌ إذنْ عمرٌو قائمٌ، نظرٌ، والظاهرُ الجوازُ.
ص: الثاني: إنَّ للشروطِ والنَّفْيِ والزيادَةِ.
ش: مَجِيئَها للشرْطِ هو الغالبُ: وهي أمُّ أدواتُ الشرْطِ، ومجيئَها للنَّفْيِ بمعنَى (مَا) نحوَ: إنْ زيدٌ قائماً، وهي تارةٌ تكونُ معه عاملَةٌ، تَرْفَعُ الاسمُ وتَنْصِبُ الخَبَرَ عندَ الكُوفِيِّينَ، كقراءَةِ سعيدِ بنَ جُبَيْرٍ: (إنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ