ص: (ويَنْحَصِرُ في مُقَدِّمَاتٍ وسَبْعَةِ كُتُبٍ).
ش: الانحصارُ مُطَاوِعُ حَصَرَ، وحقُّ انْفَعَلَ أنْ يُطَاوِعَ مِثلَ الثلاثيِّ، نحوُ: ضَرَبْتُهُ فانْضَرَبَ، ويَقِلُّ في الرُّبَاعِيِّ: أَزْعَجْتُهُ فانْزَعَجَ، قالَ أبو السَّعَادَاتِ: والحَصْرُ: التَّضْيِيقُ، قالَ تعالَى: {وَاحْصُرُوهُمْ}، وانْحِصَارُ الشيءِ في أشياءَ يكونُ على وجهيْنِ:
أَحَدُهما: انحصارُه في جُزْئِيَّاتِه؛ كانحصارِ الكَلِمَةِ في الاسمِ والفعلِ والحرفِ.
الثاني: انْحِصَارُه في أجزائِهِ؛ كانحصارِ الكلامِ في الاسمِ والفعلِ والحرفِ أيضاًً.
والفرقُ بينَهما أنَّ اسمَ المحصورِ في الأوَّلِ يكونُ صَادِقاً على كلِّ واحدٍ مِن الأشياءِ المحصورِ فيها هو، بخلافِ الثاني، والضميرُ في قَوْلِهِ: (ويَنْحَصِرُ) إمَّا أنْ يعودَ على هذا المُخْتَصَرِ، أو إلى أُصُولِ الفِقْهِ، لا جائزَ أنْ يعودَ على المُخْتَصَرِ المدلولِ عليه بقولِهِ في الخُطْبَةِ: (جَمْعِ الجوامِعِ الآتي من فَنَّيِ الأصولِ بالقواعدِ القواطِعِ)؛ فإنَّ (جمعَ الجوامِعِ) يَشْتَمِلُ على غيرِ المقدِّمَةِ والسبعةِ كُتُبٍ، من علمِ أصولِ الدينِ وخاتمةِ التصوُّفِ، فلا انْحِصَارَ، وإمَّا أنْ يعودَ إلى أصولِ الفِقْهِ المدلولِ عليه بقولِهِ في الخُطْبَةِ: (المُحِيطِ بِزُبْدَةِ ما في شَرْحِي على (المُخْتَصَرِ) و (المِنْهَاجِ) معَ مَزِيدِ كثيرٍ)، وليسَ المذكورُ في الشرحيْنِ غيرَ أصولِ الفقهِ، فيقالُ عليه: إنَّ مِن جملةِ المُقَدِّمَاتِ حَدَّ أُصُولِ الفقهِ وغيرِه مِن قواعدِ المَنْطِقِ، ونَحْوِها مِمَّا لا يُعَدُّ مِن أُصُولِ الفِقْهِ، فلا يكونُ جُزْءاً منه؛ لِخُرُوجِها عنه اصطلاحاً، وقد يُجابُ بأنَّه لَمَّا تَوَقَّفَ الأصولُ عليها، جَعَلَها جُزْءاً منه على طريقِ التغليبِ، ووجهُ الانحصارِ فيما ذَكَرَه أنَّ ما تَضَمَّنُه الأصولُ إمَّا مقصودٌ بالذاتِ، أو لا، والثاني: المُقَدِّمَاتُ؛ إذ لا بُدَّ أنْ يَتَوَقَّفَ عليهِ المقصودُ، وإلاَّ لم يُحْتَجْ إليه، والأوَّلُ: إنْ كانَ الغرضُ مِنه استنباطَ الأحكامِ، فالبحثُ إمَّا عن نفسِ الاستنباطِ، وهو الاجتهادُ، وإمَّا عمَّا تُسْتَنْبَطُ هي مِنه، إمَّا عندَ تَعَارُضِها، وهو الترجيحُ، أو لا، وهو الأدِلَّةُ والاستدلالُ.