هاشم نظر إلى المقصود، وهو إعدام دخول المنهي عنه في الوجود، والمختار عندَ المصنف ـ تبعاً لوالده رحمهما الله تعالى ـ الأول، وحرر العبارة عنه فقالَ: إن مطلوبه الكف، أي: الانتهاء، فإذا قلت: لا تسافر، فقد نهيته عن السفر والنهي يقتضي الانتهاء لأنَّه مطاوعه، يقال: نهيته فانتهى، والانتهاء: هو الانصراف عن المنهي عنه، وهو الترك، قالَ: واللغة والمعقول يشهدان له، وفرق بينَ قولنا: لا تسافر وبين قولنا: أقم فإنَّ أقم أمر بالإقامة من حيث هي، فقد لا يستحضر معها السفر، وأن لا تسافر: نهي عن السفر، فمن أقام قاصداً ترك السفر يقال فيه انتهى عن السفر، ومن لم يخطر السفر له بالكلية، لا يقال له انتهى عن السفر والانتهاء أمر معقول وهو فعل، ويصح التكليف به، وكذلك في جميع النواهي الشرعية، كالزنا والسرقة والشرب ونحوها، المقصود في جميعها الانتهاء عن تلك الرذائل، ومن لازم ذلك الانتهاء التلبس بفعل ضد من أضداد المنهي عنه، قالَ: فالعبارة المحررة أن يقال: المطلوب بالنهي الانتهاء، فيلزم من الانتهاء فعل ضد من أضداد المنهي عنه، والعبارة المنقولة عن الجمهور مختلفة فإنَّ النهي قسيم الأمر، والأمر: طلب الفعل فلو كانَ النهي طلب فعل الضد لكان أمراً، ولكان النهي من الأمر، وقسيم الشيء لا يكون قسماً منه.