(ص) وأن الجوهر الفرد وهو الجزء الذي لا يتجزأ ثابت.
(ش) ذهب أهل الحق إلى أن الجسم مركب من أجزاء لا تتجزأ بالفعل ولا بالوهم، وتسمى تلك الأجزاء جواهر مفردة، والجسم مؤلف من تلك الجواهر، ولا يقبل الانقسام إلى غير نهاية لا تقطعا لصغره ولا كسرا لصلابته، ولا وهما للعجز عن تمييز طرف منه، ولا فرض لاستلزام خلاف المقدور وخالف ذلك معظم الفلاسفة والنظام والكندي من المعتزلة: وقالوا: الجوهر المتحيز وإن انتهى إلى حد لا يقبل القمة بالفعل فلا بد أن يكون قابلا لها في الوهم والتعقل وهو مذهب فاسد، لأنه يؤدي إلى وجود اتصالات لا نهاية لها ويؤدي إلى أن يكون أجزاء الخردلة مساوية لأجزاء الجبل، لأن كل واحد منهما لا يتناهى ويؤدي إلى أن ما نهاية له أعظم مما لا نهاية له، وذلك محال، وقولهم: إن المدرك له الوهم لا يعقل فإن الوهم لا يدرك الأشياء التي لا تدرك بالحواس على ما هي عليه، والجوهر يدرك بدليل العقل دون الحس لأنه بلغ من صغره إلى أن فات الحس، فلهذا لا يحكم عليه الوهم إلا بحكم ما شاهده من المحسوسات وذلك كحكمه على الواحد الحق الذي لا جهة (124/ك) له في قضية العقل بأنه لا بد أن يكون له لون ومقدار ومكان وقرب وبعد ووضع إلى ما سوى ذلك من سائر عوارض الأجسام التي ألفها وأنس بها فيحكم على ما لم يشاهده بحكم ما شاهده فيها، والتخلص من غلط الوهم عزيز يختص به الآحاد، فهذا وجه الغلط في هذه المسألة وهو أن الوهم يحكم على الجوهر الفرد بحكم الجسم