قد ظهر بين الهوية والغيرية مرتبة، فإذا
نظر الناظر في هذه المسألة تبادر ذهنه إلى الحال الأصلية، فحكم بالتغاير وغفل عن كون الاستعمال أفاد التلازم والاتحاد، فلا يقال زيد إلا ويراد به نفس الذات، ولما رأى المحققون ما في الغيرية من الدخل وفي الهوية من فتح الظاهر المفتقر للتأويل تأدبوا بأدب الله ورسوله، فقالوا الاسم للمسمى، كقوله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى} وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تسعة وتسعين اسما)) انتهى. وذكر البيهقي في (الشعب) عن الأستاذ أبي إسحاق أن أسماء الله على ثلاثة أقسام:
قسم منها: للذات، وقسم: لصفات الذات، وقسم: لصفات الفعل، فالأول الاسم والمسمى واحد كإله وملك وقديم، ومعنى قولنا: هو المسمى أنه لا يثبت بالاسم زيادة صفة للمسمى، بل هو إثبات للمسمى، والثاني: الاسم صفة قائمة بالمسمى كالعالم والقادر، فلا يقال هو المسمى ولا غير المسمى، لأن الاسم هو العلم والقدرة، والثالث: صفات الفعل كالخالق والرازق فالاسم فيه غير المسمى لأن الخلق والرزق غيره فأما التسمية إذا كانت من المخلوق فهي فيها غير الاسم، والمسمى وإذا كانت التسمية من الله فإنها صفة قائمة بذاته، وهو كلامه، ولا يقال: إنها المسمى ولا غيره، وذهب بعض أصحابنا من أهل الحق في جميع أسماء الله إلى أن الاسم والمسمى واحد، قال: والاسم في قولنا عالم وخالق لذات الباري التي لها