انفصال عن المكث، وبناه على الفاسد في الحسن والقبح، ولكنه أخل بأصله الآخر، وهو منع التكليف بالمحال، فإنَّه قالَ: لو خرج عصى، ولو مكث عصى، فحرم عليه الشيء وضده جميعاً، وقالَ إمام الحرمين: هو مأمور بالخروج، وإنما يعصي بما تورط به من العدوان السابق، وقالَ: وهو مرتبك في المعصية لحكم الاستصحاب معَ انقطاع تكليف النهي، واستبعده ابن الحاجب وضعفه الغزالي لاعترافه بانتفاء النهي، فالمعصية إلى ماذا تستند؟
قلت: وهو نظير قول الفقهاء فيمن ارتد ثمَّ جن ثمَّ أفاق وأسلم: إنه يجب قضاء صلوات أيام الجنون لاستصحاب حكم معصية الردة عليه، والمرتبك هو المشتبك الذي لا يمكنه أن يخلص.
ص: (والساقط على جريج يقتله إن استمر، وكفؤه، إن لم يستمر وقيل: يتخير، وقالَ إمام الحرمين: لا حكم فيه، وتوقف الغزالي).
ش: إنما ذكر هذه عقيب ما سبق؛ لأنَّ إمام الحرمين قالَ: إن غرضه يظهر بمسألة ألقاها أبو هاشم، فحارت فيها عقول الفقهاء وهي أن من توسط جمعاً من الجرحى وجثم على صدر واحد منهم، وعلم أنه لو بقي لأهلكه، ولو انتقل لهلك آخر، قالَ: لم أحصل فيها من قول الفقهاء على ثبت، والوجه القطع بسقوط التكليف عنه معَ استمرار حكم سخط الله تعالى وغضبه، وقد سأله الغزالي عن هذا، فقالَ: كيف تقول: لا حكم، وأنت ترى أن لا تخلو واقعة عن حكم؟ فقالَ: