ولم يرد الوقف وإنما أراد الإمساك عن النظر فيه، وإذا كانت العترة على الإطلاق لا يذكرون إلا بخير، فالصحابة الذين أمرنا بالاستغفار لهم ونسأله أن لا يجعل في قلوبنا غلا لهم أولى، واعلم أن الإمساك عن ذلك من القائل إما لعدم ظهور دليل التخطئة والتصويب، أو لقصد كف اللسان عن ذكر مساوئ المخطئ فيها مع عدم إيجابه، وهذا هو الظاهر، فإن السكوت عما لا يلزم الكلام فيه أولى من الخوض فيه وأبعد من الزلل، وقال أحمد وقد سئل عن أمر علي وعائشة فقال: {تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون} ولهذا قال بعض المعتبرين: تلك دماء طهر الله منها سيوفنا فلا نخضب بها ألسنتنا.
فإن قيل: قد بنى الشافعي وأحمد وغيرهما من الأئمة مسائلهما في قتال البغي على سيرة علي رضي الله عنه وذلك تصويب له وتخطئة لمعاوية وخصومه، قلنا: لاضطرارهم إلى معرفة الأحكام خاضوا فيه، ولهذا لما أنكر ابن معين ذلك على