موضع خلاف القاضي إذا مضى من وقت الظن إلى حين الفعل زمن يسع الفرض، حتى يتجه القول بالقضاء، أمَّا إذا لم يمض ذلك وبقي منه بقية فشرع فيها، فليكن على الخلاف إذا وقع بعض الصلاة في الوقت وبعضها خارجه، والصحيح إن وقع ركعة في الوقت فالجميع أداء وإلا فقضاء، ثمَّ في كلام الْمُصَنِّف أمور: أحدها: تصوير المسألة ذكره غيره، وإنما هو مثال وليس بقيد كما يقتضيه تعليلهم، بل الضابط ظن الإخراج عن وقته بأي سبب كان، يمنع من الوجوب كالحيض والإغماء والجنون، ولهذا قالَ إمام الحرمين في (النهاية) في الكلام على مبادرة الاستحاضة: لو كانت معتادة طروء الحيض عليها في أثناء الوقت من يوم معين، فإنَّ الوقت يتضيق عليها الثانِي: ما عزاه للجمهور يقتضي أنه الراجح، لكن ذكر الرافعي فيما إذا صلى بالاجتهاد، ثمَّ بان أنه بعد الوقت، فهل يكون قضاء أو أداء؟ وجهان أصحهما: قضاء، نظراً لما في نفس الأمر؛ لأنَّه المكلف به، ويفرق بينَهما بأن هذا خارج الوقت في نفس الأمر، ومسألتنا في الوقت في نفس الأمر وخارجة في ظنه.
الثالث: ما نقله عن القاضي أبي بكر هو كذلك في كتاب (التقريبئ) وأما القاضي حسين، فلا يعرف عنه التصريح بذلك، والظاهر أن الْمُصَنِّف أخذه بالاستلزام من قَوْلُه: فيما إذا شرع في الصلاة ثمَّ أفسدها ثمَّ صلاها في وقتها، كانت قضاء؛ لأنَّه بالشروع يضيق الوقت بدليل أنه لا يَجُوز الخروج عنها، فلم يبق لها وقت شروع، فإذا أفسدها فقد فات وقت الشروع، فلم يكن فعلها بعد ذلك إلا قضاء وفيه نظر؛ لأنَّ مأخذهما مختلف، فمأخذ القاضي أبو بكر في أنها قضاء لاعتقاده أن الوقت قد خرج، كما سبق في تعريف القضاء، وأما القاضي حسين، فإنَّه معَ القول بأنها قضاء يقول: إن الوقت باق، وبهذا صرح في باب صفة الصلاة من تعليقه،