وقوعه في موضع واحد من غير تنبيه على ما يشعر (137/ز) بترجيح أحدهما قليل. نقل الشيخ أبو إسحاق في (شرح اللمع) عن القاضي أبي حامد المروزي أنه ليس للشافعي رضي الله عنه ذلك إلا في بضعة عشر موضعاً وهو ستة عشر أو سبعة عشر، وهو دليل على علو شأنه.
أما الحالة الأولى: فلدلالة على صرف عمره في النظر والمأخذ ولاج في الدقائق، وعلى دينه لإظهار الشيء يلوح له غير مبال بما صدر منه أولاً ولا واقف (56/ك) عند كلام غبي ينسبه للتناقض في المقال، وقد عاب عليه القولين من قصر نظره عن مقاصده.
وأما في الثانية: فإن المجتهد كلما زاد علماً وتدقيقاً كان نظره أتم تنقيحاً وتحقيقاً، وعلى دينه فلم يكن ممن إذا ظهر وجه الرجحان صمم على مقالته الأولى بل أبطل تلك وعدل إلى ما هو الأولى، وفائدة ذكر القولين من غير ترجيح، التنبيه على أن ما سواهما لم يترجح عنده، وأن هذين الاحتمالين لم يترجح أحدهما في نظره، فأطلق القولين بمعنى أن كل واحد منهما يمكن جعله قولاً لا أنهما معاً مذهبه، وقد