يلاق موضوع المسألة فإن هذا ليس من المرسل الذي لم يعتبر، بل مما دل الدليل على اعتباره، فإن قول القائل: هذا سفك دم معصوم يعارضه أن في الكف عنه إهلاك دماء معصومة لا حصر لها، ونحن نعلم أن الشرع يؤثر حفظ الكلي على الجزئي، وأن حفظ أصل الإسلام عن اصطلام الكفار، أهم في مقصود الشرع، فقد رجعت المصلحة (29/ك) فيه إلى حفظ مقصود شرعي علم كونه مقصوداً بالنص والإجماع، فليس هذا خارجاً من الأصول، لكنه لا يسمى
قياساً بل مصلحة مرسلة، إذ القياس له أصل معين، وكون هذه المعاني مقصودة عرفت لا لدليل واحد بل بأدلة كثيرة من الكتاب والسنة وقرائن الأحوال تسمى لذلك مصلحة مرسلة، قال الغزالي، وإذا فسرنا المصلحة بالمحافظة على مقصود الشرع فلا وجه للخلاف فيها، بل نقطع بكونها حجة، وحيث جاء خلاف فهو عند تعارض مصلحتين ومقصودين فيرجح الأقوى ولذلك قطعنا بكون الإكراه مبيحاً لكلمة الكفر، والشرب لأن الحذر من سفك دم أشد من هذه الأمور، ولا يباح به الزنا لأنه في مثل محذور الإكراه.
(ص): مسألة المناسبة تنخرم بمفسدة تلزم راجحة أو مساوية خلافاً للإمام.
(ش): لا خلاف أن الوصف إذا اشتمل على المصلحة الخالية عن المفسدة، والراجحة عليها يكون مناسباً ويعتبر تناسبه، وأما إذا اشتمل على مفسدة تلزم من الحكم راجحة على المصلحة أو مساوية لها، هل تنخرم مناسبته بترك المفسدة فيه