رابعها: ترتيب (104/ ز) الحكم على الوصف، كذا أطلق المصنف، وفي (المنهاج) قيده بالفاء، وحسن ذلك منه، لأنه لم يذكر الفاء في قسم النص، وابن الحاجب ذكر الفاء في قسم النص، وجعل هذا من الإيماء لكن عبر عنه بقوله: ذكر وصف مناسب مع الحكم، ومثله بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لا يقضي القاضي وهو غضبان)) فإنه فيه إيماء إلى أن الغضب علة، لأنه يشوش الفكر، والأحسن في هذا المقصود عبارة ابن الحاجب، والفرق بين العبارتين أن الوصف تارة يعتبر من جهة خصوصه، وتارة من جهة عمومه، وأن يشتغل تارة بكون الوصف مذكوراً، وتارة لا يكون.
فالأول: هو المعبر عنه بترتيب الحكم على الوصف، وقد سبقت أمثلته، والوصف فيها كلها مذكور، ولهذا جعلت من قسم الظاهر الملفوظ به.
والثاني: هو المعبر عنه بذكر الوصف المناسب مع الحكم فإنه يشعر بأن الغضب علة لكيلا، نعلم أن خصوص كونه غضباً لا مناسبة فيه، فيلزم أن يكون معتبراً من جهة عمومه، وهو كونه مشوشاً للفكر، وهذا الوصف غير مذكور لكنه مناسب، فيلزم أن يلحق به ما في معناه من الجوع والعطش وغيرهما: وظهر بهذا أن العلة في الحقيقة إنما هي التشويش لا الغضب خلافاً لما وقع في عبارة كثير من الناس، وقال الإمام فخر الدين: لا ملازمة بين التشويش والغضب، لأن التشويش إنما ينشأ عن الغضب الشديد لا عن مطلقه، لأن مطلق الغضب لا يمنع، فلا يصح للدلالة على العلية،