إنه ثابت بالعلة، قيل لهم: هذا لا يتأتى إلا إذا فسرت العلة بالمؤثر أو الباعث، فإن كونه منصوصاً عليه حينئذ لا ينافي أن يكون معللاً بهذا المعنى، أما إذا فسرت بالمعرف فكونه منصوصا عليه ينافي التعليل بهذا المعنى، وعلى هذا جرى ابن الحاجب وقال: إنما عنت الشافعية أنها بمعنى الباعث، وليس كما قال، وإنما دعاه إلى ذلك أنه يجعلها فرعاً للأصل أصلاً للفرع خوفاً من لزوم الدور، فإنها مستنبطة من النص فلو كانت معرفة له وهي إنما عرفت به جاء الدور، ونحن لا نفسرها بالباعث، بل بالمعرف، وليس معنى كونها معرفاً إلا أنها نصب أمارة يستدل بها المجتهد على وجدان الحكم إذا لم يكن عارفاً به، ويجوز أن يتخلف في حق العارف كالغيم الرطب أمارة على المطر، وقد يتخلف، وتخلف التعريف بالنسبة إلى العارف لا يخرج الأمارة عن كونها أمارة، فوضح أن العلة هي المعرف في الأصل والفرع، وليس الدور بلازم، وقالت الحنفية: ثابت بالنص، فإن أرادوا أن النص إنشاء الحكم فخطأ، لأن الحاكم في الحقيقة هو الناص، وإن أرادوا أنه عرفه فهو إنما يعرف من عرفت منه، أما من عرف من العلة فلم يعرفه، هذا حاصل ما قرره المصنف وما أنكره على ابن الحاجب في نقله عن الأصحاب ممنوع، فإن الغزالي قد ذكره فقال بعد نقله عن الأصحاب إن الحكم يضاف إلى العلة وهو نزاع لا تحقيق تحته، فإنا لا نعني بالعلة إلا باعث الشرع على الحكم فنقول: إن الحكم يضاف إلى الخمر والنبيذ بالنص لكن إضافة الحكم إليه معلل بالشدة بمعنى أن باعث الشرع على التحريم هي الشدة، ونازعه العبدري وقال: إنما الباعث على وضعها أمارة حفظ العقول لا الشدة، وأما ما قاله المصنف أولاً فيخالف كلام الهندي فإنه قال: فسروا العلة بالمعرف لا بمعنى أنها تعرف حكم الأصل، فإن ذلك يعرف بالنص، بل حكم الفرع، لكن يخدشه ما هو المشهور من قول أصحابنا، لأن حكم الأصل تعلل بالعلة بينه وبين الفرع مع أنه غير معرف بها، وقال في المسألة

الخلافية إن عنى بالعلة المؤثر أو الباعث، فلا شك أن كونه منصوصاً عليه لا ينافي أن يكون معللاً بالعلة بهذا المعنى، وعليه ينزل قول أصحابنا: إن الحكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015