والثاني: قول المتكلمين. فإذا قسنا النبيذ في تحريم شربه على الخمر المنصوص على تحريمها، بقوله: حرام، قال الفقهاء: الأصل فيه هو الخمر التي هي محل التحريم، لأنها يشبه بها الفرع فتكون أصلاً له، وقال المتكلمون: الأصل هو النص الدال على تحريم الخمر لأنه الذي فيه التحريم. وقال بعضهم: الأصل هو التحريم الثابت في الخمر لأنه الذي يتفرع عليه تحريم النبيذ، والجميع ممكن، إلا أن مساعدة الفقهاء أولى لئلا يحتاج إلى تغيير مصطلحهم وهم الخائضون في عمدة القياس، فلهذا صدر به المصنف، والنزاع لفظي، لأن حكم الخمر إذا كان مبنياً على الخمر من حيث إنها محل له فهي أصل له، وهو أصل لحكم النبيذ لكونه مبنياً عليه، وأصل الأصل أصل، فيكون الخمر أيضاً أصلاً لحكم النبيذ وأصل الأصل أصل وكذلك إذا كان حكم الخمر مبنياًً على النص من حيث إنه مستفاد منه فيكون النص مبيناً لحكم النبيذ أصلاً له، وهو أصل وأصل الأصل أصل فيكون النص أيضاً أصلاً لحكم النبيذ والحاصل رجوع الخلاف إلى ما هو أصل بالذات أو بالعرض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015