الثانِي كَمَا يَحْصُلُ الشِّبَعُ عَقِبَ الأكلِ، وَرَدَّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كذلكَ، لَكَانَ خَرْقُهُ جَائِزاً وَعَدَمُهُ مُمْكِناً وَهَهُنَا حُصُولُ العلمِ وَاجِبٌ لاَ مَحَالَةَ، فَيَسْتَحِيلُ أَلاَّ يُحَصَّلَ عَقِبَ كَمَالِ النظرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بالإيجابِ، وصَحَّحَهُ الإمامُ في (الْمُحَصَّلِ)، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بالتوليدِ، وهو قولُ المعتزلةِ، فَعَلَى القولِ الأولِ، يَكُونُ العلمُ الحاصلُ عُقَيْبَ النظرِ ضَرُورِيًّا، وهو المختارُ عِنْدَ إِمَامِ الحرمينِ وَإِلِكْيَا= وَغَيْرِهِمَا.

وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ بالعادةِ، فَلاَ يَجُوزُ خَرْقُهَا، فَيَخْرُجُ حينئذٍ عَنْ كَوْنِهِ ضَرُورِيًّا؛ إِذِ الضروريُّ هو الذي يَلْزَمُ النفسَ لُزُوماً لاَ يَتَأَتَّى مَعَهُ الانْفِكَاكُ عَقْلاً.

(ص): (وَالحَدُّ الجَامِعُ المَانِعُ، وَيُقَالُ: المُطَّرِدُ المُنْعَكِسُ).

(ش): ذَكَرُوا فِي الحَدِّ عِبَارَتَيْنِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَكُونَ جَامِعاً؛ أي: لأَفْرَادِ المحدودِ مَانِعاً؛ أي: مِنْ دُخُولِ غَيْرِهِ فِيهِ، كَقَوْلِنَا: الإنسانُ حيوانٌ نَاطِقٌ، وَلَوْ جَمَعَ وَلَمْ يَمْنَعْ، كـ الإنسانُ حيوانٌ، أَوْ مَنَعَ وَلَمْ يَجْمَعْ كـ الإنسانُ رجلٌ، لَمْ يَكُنْ حَدًّا صحيحاً للإنسانِ.

الثانيةُ: أَنْ يَكُونَ مُطَّرِداً مُنْعَكِساً، وَهَذَا مَعُنَاهُ يَتَضَمَّنُ أَرْبَعَ قَضَايَا (20 ب) كُلَّمَا وُجِدَ الحَدُّ وُجِدَ المحدودُ، وَكُلَّمَا انْتَفَى المحدودُ انْتَفَى الحَدُّ، والثانيةُ لازمةٌ للأُولَى؛ لأنَّهَا عَكْسُ نَقِيضِهَا فَأَغْنَتِ الأُولىَ عَنْهَا، وَكُلَّمَا انْتَفَى الحَدُّ انْتَفَى المحدودُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015