قيل من أعجب شَيْء أَن يكون الرجل يلْتَمس رِضَاهُ فَلَا يرضى وأعجب مِنْهُ أَن يلْتَمس رِضَاهُ فيغضب
قَالَ بعض الْحُكَمَاء
من لم يقبل التَّوْبَة عظمت خطيئته وَمن لم يحسن إِلَى التائب قبحت إساءته
فَإِن أحب أَن يتدرج إِلَى الرِّضَا لِئَلَّا يصل بَين ضدين قدم مباديه وَسَهل دواعيه وَكَانَ فِي السِّرّ رَاضِيا وَفِي الظَّاهِر مغاضيا ليظْهر الرِّضَا عَن أَحْوَال مُتَقَارِبَة وتنتقل إِلَيْهِ بعد أُمُور متناسبة فَلَيْسَ بمستبعد إِذا كَانَ بطيء الرِّضَا غير أَن من أَخْلَاق الْمُلُوك سرعَة الْغَضَب وَلَيْسَ من أَخْلَاقهم سرعَة الرِّضَا
وَالْعلَّة فِي ذَلِك لما قد اسْتَقر فِي الْقُلُوب من هيبتهم وأذعنت بِهِ النُّفُوس من طاعتهم لَا يلاقون مَا يكْرهُونَ وَلَا يرَوْنَ إِلَّا مَا يؤثرون فَإِذا بدر مَا يغضبهم خرج عَن عرفهم فتعجل بِهِ غضبهم وَمَا يرضيهم دَاخل فِي عرفهم فَلم يتعجل فِيهِ رضاهم
وَمن عداهم فِي الْأَمريْنِ بخلافهم فَلذَلِك وَقع الْفرق بَين الْمُلُوك