الْفَصْل الْخَامِس السجايا والأخلاق

هَذَا مَا اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ قَوَاعِد الْأَخْلَاق

الْفرق بَين السجايا والأخلاق

أما السجايا فقد اخْتلف فِي الْفرق بَينهَا وَبَين الْأَخْلَاق على وَجْهَيْن

أَحدهمَا أَن السجايا مَا لم يظْهر الطبائع والأخلاق مَا أظهرتها فَكَانَت قبل ظُهُورهَا سجايا وَصَارَت بعد ظُهُورهَا أَخْلَاقًا

وَالْوَجْه الثَّانِي أَن السجايا مَا لم يتَغَيَّر لطبع وَلَا تطبع والأخلاق مَا يجوز أَن يتَغَيَّر بطبع وتطبع

وَزعم بعض عُلَمَاء الطِّبّ أَن السجايا والأخلاق تَابِعَة لمزاج الْبدن فِي أَحْوَال الطباعة بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَان تزيد بزيادتها وتنقص بنقصانها

فزعموا أَن الْغَضَب يسْرع بِكَثْرَة الْمرة الصَّفْرَاء ويضعف بقلتها وتكثر الْحَرَارَة والقحة والشجاعة مَعَ وفور الدَّم وتقل لقلته وَيكثر الْخبث والدهاء وَالْمَكْر لغَلَبَة الْمرة ويقل إِن قلت وَيكثر الْحلم والاناة لغَلَبَة البلغم ويقل إِن قل

فاذا اعتدلت فِيهِ هَذِه الأمزجة اعتدلت أخلاقه فَكَانَت فَضَائِل وَإِن تجاوزت الِاعْتِدَال إِلَى زِيَادَة أَو نُقْصَان خرجت عَن الْفَضَائِل إِلَى الرذائل فِي الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان

وَالَّذِي عَلَيْهِ المتدينون أَن الله تَعَالَى ركبهَا فِي النُّفُوس وطبعها فِي الْفطر 7 ب بِحَسب إِرَادَته على مَا قدره من أَحْوَال عباده وَجعل اخْتِلَاف الْأَخْلَاق كاختلاف الْخلق والصور الَّتِي لَهَا عِلّة غير إرادية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015