لمعاملات المهن نوعا من غير النُّقُود المألوفة يدْفَعُونَ بِهِ الأقوات وينالون بِهِ الْحَاجَات وَبَطلَت معاملات النَّاس فانتهك المستور المرق وَلم تصل الْأَمْتِعَة والأقوات إِلَى أهل الْقُدْرَة وأرباب الْأَمْوَال الجمة فَعِنْدَ ذَلِك تَدعُوهُ الْحَاجة إِلَى تَغْيِير الضَّرْب

فَإِن غير بِمثلِهِ كَانَت حَالهمَا وَاحِدَة وَكَانَ حكمه فِي الْمُسْتَقْبل حكمه فِي الأول

وَإِذا عرف من السُّلْطَان تغير ضربه فِي كل عَام عدل النَّاس عَن ضربه إِلَى ضرب غَيره حذرا من الوضيعة والخسران وَكَانَ عدولهم إِلَى ضرب غَيره موهنا لسلطانه

وَإِن كَانَ النَّقْد سليما من غش ومأمونا 58 أَمن تَغْيِير صَار هُوَ المَال المدخور فدارت بِهِ الْمُعَامَلَات نَقْدا وَنسَاء فَعم النَّفْع وَتمّ الصّلاح

وَقد كَانَ المتقدمون يجْعَلُونَ ذَلِك دعامة من دعائم الْملك

ولعمري إِن ذَلِك كَذَلِك لِأَنَّهُ القانون الَّذِي يَدُور عَلَيْهِ الْأَخْذ وَالعطَاء وَلست تَجِد فَسَاده فِي الْعرف إِلَّا مقترنا بِفساد الْملك فَلذَلِك صَار من دعائم الْملك

وليعلم الْملك أَن من أَمْوَال السلطنة شَرْعِيَّة قد قدر الشَّرْع مقاديرها وَبَين وُجُوه مصرفها وَجعلهَا وفْق الْكِفَايَة وأغنى عَمَّا دَعَا إِلَى استزادة

قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(نزلت المعونة على قدر المؤونة)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015