وَهَذِه أَوْصَاف كَمَال يوفق الله تَعَالَى لَهَا من شَاءَ ويسعد بهَا من الْمُلُوك من أحب
والطبقة الثَّانِيَة الْقُضَاة والحكام
الَّذين هم مَوَازِين الْعدْل وتفويض الحكم إِلَيْهِم وحراس السّنة باتباعها فِي أحكامهم وبهم ينتصف الْمَظْلُوم من الظَّالِم فِي رد ظلامته والضعيف من الْقوي فِي اسْتِيفَاء حَقه
فَإِن قل ورعهم وَكثر طمعهم فأماتوا السّنة بِأَحْكَام مبتدعة وأضاعوا الْحُقُوق بأهواء متبعة فَكَانَ قدحهم فِي الدّين أعظم من قدحهم فِي المملكة وإضرارهم بالمملكة فِي إبِْطَال الْعدْل أعظم من إضرارهم بالمتحاكمين إِلَيْهِم فِي إبِْطَال الْحق
وَقد قيل
من أقبح الْأَشْيَاء سخف الْقُضَاة وظلم الْوُلَاة
وَقَالَ أنوشروان
مَا عدل من جارت قُضَاته وَلَا صلح من فَسدتْ كفاته
وَالَّذِي تَقْتَضِيه السياسة فِي اختيارهم بعد الشُّرُوط الْمُعْتَبرَة فيهم بِالشَّرْعِ أَن يكون القَاضِي حسن الْعَلَانِيَة مَأْمُون السريرة كثير الْجد