الْفَصْل الثَّالِث وَالْعشْرُونَ تَهْذِيب الأعوان والحاشية

سياسة الْملك بالأعوان والحاشية

وليعلم الْملك أَنه لَا استقامة لَهُ ولرعيته إِلَّا بتهذيب أعوانه وحاشيته لِأَنَّهُ لَا يقدر على مُبَاشرَة الْأُمُور بِنَفسِهِ وَإِنَّمَا يَسْتَنِيب فِيهَا الكفاة من أَصْحَابه لِأَن سياسات الْمُلُوك مَقْصُورَة فِي مباشرتهم لَهَا على أَمريْن

أَحدهمَا تَدْبِير أُمُور الْجُمْهُور بآرائهم

وَالثَّانِي استنابة الكفاة فِي تنفيذها على أوامره

وَمَا سوى ذَلِك فالأعوان هم كفلاء مباشرتها وزعماء الْقيام بأعوامها

وَقد شبه المتقدمون السايس الْمُدبر للمملكة فِي السّلم وَالْحَرب بالطبيب الْمُدبر للجسد فِي حفظ الصِّحَّة وعلاج الْأَمْرَاض الْيَدَيْنِ فِي بطشهما بالجند والأعوان وَالرّجلَيْنِ بِالْكُرَاعِ 41 ب وَالظّهْر والعينين بالحجاب والحرس والأذنين بأصحاب الْبَرِيد وَالْأَخْبَار وَاللِّسَان فِي نطقه بالوزراء وَالْكتاب والأعضاء الْمُجَاورَة فِي الْقلب بحاشية الْملك على طبقاتهم فِي الْقرب والبعد

وحاجة الْخَاصَّة للعامة فِي الِاسْتِخْدَام كحاجة الْأَعْضَاء الشَّرِيفَة إِلَى الَّتِي لَيست بشريفة لِأَن بعض الْأُمُور لبَعض سَبَب وعوام النَّاس لخواصهم عدَّة وَبِكُل صنف مِنْهُم إِلَى الآخر حَاجَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015