من يقوم بنصرة الدّين وَيدْفَع 32 آتبديل المبتدعين وَيجْرِي فيهم على السّنَن الْمُسْتَقيم أذعنت النُّفُوس لطاعته واشتدت فِي مؤازرته ونصرته وَرَأَوا أَن بذل النُّفُوس لَهُ من حُقُوق الله المفترضة وَأَن النُّصْرَة لَهُ من أوامره الملتزمة فَملك الْقُلُوب والأجساد واستخلص الأعوان والأجناد فَإِن نالوا مَعَه من الدُّنْيَا حظا وجمعوا بِهِ بَين صلاحي الدّين وَالدُّنْيَا صَار مجتذبا إِلَى الْملك لَا جاذبا ومرغوبا إِلَيْهِ لَا رَاغِبًا ولان لَهُ كل صَعب وَهَان عَلَيْهِ كل خطب وتوطد لَهُ من اس الْملك مَا لَا يُقَاوم سُلْطَانه وَلَا تغل أعوانه لفرق مَا بَين ملك الطَّالِب وَالْمَطْلُوب وتباين مَا بَين طَاعَة الْخَاطِب والمخطوب
وَأما الْقسم الثَّانِي وَهُوَ تأسيس الْقُوَّة فَهُوَ أَن يحل نظام الْملك إِمَّا بالإهمال وَالْعجز وَإِمَّا بالظلم والجور فينتدب لطلب الْملك أولو الْقُوَّة ويتوثب عَلَيْهِ ذُو الْقُدْرَة إِمَّا طَمَعا فِي الْملك حِين يضعف وَإِمَّا دفعا للظلم حِين اسْتمرّ
وَهَذَا إِنَّمَا يتم لجيش قد اجْتمعت فيهم ثَلَاث خلال
كَثْرَة الْعدَد
وَظُهُور الشجَاعَة
وتفويض الْأَمر الى مقدم عَلَيْهِم إِمَّا لنسب وأبوة وَإِمَّا لفضل رَأْي وشجاعة
فَإِذا توثبوا على الْملك بِالْكَثْرَةِ واستولوا عَلَيْهِ بِالْقُوَّةِ كَانَ ملك قهر فَإِن عدلوا مَعَ الرّعية وَسَارُوا فيهم بالسيرة الجميلة صَار ملك تَفْوِيض وَطَاعَة فرسا وَثَبت