وَجعل صَلَاح جَمَاعَتهمْ بصلاحه وَفَسَاد أُمُورهم بفساده لِأَنَّهُ قلب وهم أَطْرَاف وقطب وهم أكناف
30 - ب
قَالَ بعض الْعُقَلَاء
رشاد الْوَالِي خير من خصب الزَّمَان
وأرشد الْوُلَاة من حرس بولايته الدّين وانتظم بنظره صَلَاح الْمُسلمين لِأَن الدّين يصلح سرائر الْقُلُوب وَيمْنَع من ارْتِكَاب الذُّنُوب وَيبْعَث على التأله والتناصف وَيَدْعُو إِلَى الألفة والتعاطف وَهَذِه قَوَاعِد لَا تصلح الدُّنْيَا إِلَّا بهَا وَلَا يَسْتَقِيم الْخلق إِلَّا عَلَيْهَا وَإِنَّمَا السلطنة زِمَام لحفظها وباعث على الْعَمَل بهَا وَلَو أهملوا ونوازع الْأَهْوَاء جاذبة وَاخْتِلَاف الآراء مُتَقَارِبَة لتمارحوا وتغالبوا وَلما عرف حق من بَاطِل وَلَا تميز صَحِيح من فَاسد وَلَيْسَ فِي الْعقل مَا يجمعهُمْ على حكم يتساوى فِيهِ قويهم وضعيفهم ويتكافأ فِيهِ شريفهم ومشروفهم فَلذَلِك وقفت مصالحهم على دين يقودهم إِلَى جمع الشمل واتفاق الْكَلِمَة وَيَنْقَطِع بِهِ تنازعهم وتنحسم بِهِ مواد أطماعهم وَاخْتِلَافهمْ وَتصْلح بِهِ سرائرهم وتنحفظ بِهِ أمانتهم