الْحَال الأولى أَن يجهل وَيعلم أَنه يجهل
وَهَذَا يجوز أَن يسترشد فَيعلم مَا جهل إِن أمد بحمية باعثة وأعين بِنَفس قَابِلَة كَمَا قيل
لَوْلَا الْخَطَأ مَا أشرق نور الصَّوَاب
قَالَ الشَّاعِر
(إِذا صَحَّ حس الْمَرْء صَحَّ قِيَاسه ... وَلَيْسَ يَصح الْعقل من فَاسد الْحس) // من الطَّوِيل //
وَالْحَال الثَّانِيَة أَن يجهل ويجهل أَنه يجهل
فَهُوَ أسوأهما حَالا وأقبحهما خِصَالًا لِأَنَّهُ إِذا جهل جَهله صَار جهلين متشاكلين فِي الصُّور مُخْتَلفين فِي الْأَثر
أَحدهمَا سالب لهدايته
وَالْآخر جالب لغوايته
فطاح بِالْأولِ فِي سكراته
ومرح بِالْآخرِ فِي هفواته
فَلم يخْتَر لَهُ فاقه
وَلم ترج لَهُ إفاقة
وَقد قَالَ جالينوس
الْجَهْل بِالْجَهْلِ جهل مركب