كل وَاحِد مِنْهُم رَأْيه ويستكمل خاطره ليتخصص برتبة الْمُجيب وَيجمع فِي حظوة الْمُصِيب
فَإِن اجْتَمعُوا فِي ابْتِدَاء الرَّأْي كَانُوا فِيهِ بَين أَمريْن
إِمَّا أَن يقودهم أول رَأْي مِنْهُم إِلَى مُتَابَعَته فيصيروا مفوضين لرأي وَاحِد قلدوه وهم أكفاء وتابعوه وهم نظراء
وَإِمَّا أَن يَخْتَلِفُوا فيتنابذوا ويتشاغل كل وَاحِد مِنْهُم بنصرة رَأْيه حَقًا كَانَ أَو بَاطِلا فَيخرج بالمناظرة عَن حكم الْمُجْتَهد والمنابذة عَن حكم المتأيد
وكما أَن الأصوب إفرادهم فِي ابْتِدَاء الرَّأْي فَكَذَلِك الأصوب أَن لَا يطلع بَعضهم على استشارة بعض ليجتهد كل وَاحِد مِنْهُم فكره ويستنفد وَسعه حَتَّى إِن حظي بدرك الصَّوَاب تخصص برتبة التعويل وتميز بنباهة الْقبُول
وَليكن مَعَ ذَلِك غير وان فِي الْفِكر وَلَا مقصر فِي الارتئاء تعويلا على رَأْي من شاوره لِئَلَّا يصير فِي الرَّأْي مفوضا وَفِي الْأَمر مُقَلدًا
قَالَ بعض الْحُكَمَاء
الاستسلام إِلَى رَأْي المشير هُوَ الْعدْل الْخَفي
وَإِذا أظهرُوا كوامل آرائهم عرضهَا على عقله وسبرها بفكره وتصفح مباديها وعواقبها وسألهم عَن أَسبَابهَا ونتائجها وباحثهم عَن أُصُولهَا وفروعها سُؤال منصف لَا متعنت وطالب للصَّوَاب لَا للرَّدّ ليستوضح الْحق من الْبَاطِل وَيعلم الصَّحِيح من الْفَاسِد وَلَا يُبْدِي لَهُم رَأْيه إِن خالفهم وَلَا أَنه يَأْخُذ بِهِ وَيعْمل عَلَيْهِ إِن وافقهم ليجري الْأَمر على