فإنْ قَاتَلُوْهُ مَعَ ذَلِكَ لِشُبْهَةٍ عُرِضَتْ لَهُم، فَلَمْ يَكُنِ القِتَالُ لَهُ لا على أنَّ غَيْرَه أفْضَلُ مِنْهُ، ولا أنَّه الإمَامُ دُوْنَه، ولَمْ يَتَسَمَّ قَطُّ طَلْحَةُ والزُّبَيْرُ باسْمِ الإمَارَةِ، ولا بايَعَهُما أحَدٌ عَلى ذَلِكَ.
وعَليٌّ بايَعَهُ كَثِيْرٌ مِنَ المُسْلِمِيْنَ، وأكْثَرُهُم بالمَدِيْنَةِ على أنَّه أمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ،
ولَمْ يُبَايِعْ طَلْحَةَ والزُّبَيْرَ أحَدٌ على ذَلِكَ، ولا طَلَبَ أحَدٌ مِنْهُما ذَلِكَ، ولا دَعَا إلى نَفْسِهِ، فإنَّهُما رَضِيَ اللهُ عَنْهُما كَانَا أفْضَلَ وأجَلَّ قَدْرًا مِنْ أنْ يَفْعَلا مِثْلَ ذَلِكَ.
وكَذَلِكَ مُعَاوِيَةُ لَمْ يُبَايِعْهُ أحَدٌ لمَّا مَاتَ عُثْمَانُ عَلَى الإمَامَةِ، ولا حِيْنَ كَانَ يُقاتِلُ عَليًّا بايَعَهُ أحَدٌ على الإمَامَةِ، ولا تَسَمَّى بأمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، ولا سَمَّاهُ أحَدٌ بذَلِكَ، ولا ادَّعَى مُعَاوِيَةُ وِلايَةً قَبْلَ حُكْمِ الحَكَمَيْنِ.
وعَليٌّ يُسَمِّي نَفْسَهُ أمِيْرَ المُؤمِنِيْنَ في مُدَّةِ خِلافَتِهِ، والمُسْلِمُوْنَ مَعَهُ يُسَمُّونَهُ أمَيْرَ المُؤمِنِيْنَ، لَكِنَّ الَّذِيْنَ قَاتَلُوْهُ مَعَ اعْتِرَافِهِم بأنَّهُ لَيْسَ في القَوْمِ أفْضَلُ مِنْهُ، ادَّعَوْا مَوَانِعَ تَمْنَعُهُم عَنْ طَاعَتِهِ!