فَهَذِهِ الحِكَايَةُ وما يَشْبَهُهَا مِنَ اخْتِلاقِ أهْلِ الأهْوَاءِ والبِدَعِ الَّذِيْنَ لا يَعْرِفُوْنَ قَدْرَ أبي مُوْسَى وعَمْرو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، ومَنْزِلَتَهُمَا في الإسْلامِ!
* * *
قَالَ أبُو بَكْرٍ ابنُ العَرَبِيُّ مُبيِّنًا كَذِبَ هذه القِصَّةِ: «هذا كُلُّهُ كَذِبٌ صُرَاحٌ ما جَرَى مِنْهُ حَرْفٌ قَطُّ، وإنِّما هُوَ شَيْءٌ أخْبَرَ عَنْهُ المُبْتَدِعَةُ، ووضَعَتْهُ التَّارِيْخِيَّةُ (القَصَّاصُوْنَ) لِلْمُلُوكِ، فتَوَارَثَهُ أهْلُ المُجَانَةِ والجَهَارَةِ بِمَعَاصِي اللهِ والبِدَعِ» (?).
ولم يَكْتَفِ الوَاضِعُوْنَ مِنْ أهْلِ التَّارِيْخِ بِهَذا؛ بَلْ وَسَمُوا الحَكَمَيْنِ بِصِفَاتٍ مَرْذُوْلَةٍ هَزِيْلَةٍ يتَّخِذُوْنَ مِنْهَا وَسِيْلَةً لِلتَّفَكُّهِ والتَّنَدُّرِ!
فقَدْ وَصَفُوا عَمْرَو بْنَ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: بأنَّهُ كان صَاحِبَ غَدْرٍ وخِدَاعٍ، ووصَفُوا أبا مُوْسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ كان أبْلَهًا، ضَعِيْفَ الرَّأيِ، مَخْدُوْعًا في القَوْلِ، كما وصَفُوْهُ بأنَّهُ كان على جَانِبٍ كَبِيْرٍ مِنَ الغَفْلَةِ (?).