فَلا مَقْصَدَ إذَنْ مِنْ خُرُوْجِ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا هي ومَنْ مَعَهَا مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ مَكَّةَ إلى البَصْرَةِ: إلاَّ بُغْيَةَ الإصْلاحِ بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ، ولم تَخْرُجْ لِقِتَالٍ، ولا أمَرَتْ بِهِ.
ثُمَّ إنَّ إرَادَةَ الصُّلْحِ لم يَكُنْ مِنْ جَانِبِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا هِيَ ومَنْ مَعَهَا فَحَسْبُ؛ بَلْ كَانَ أيْضًا إرَادَةَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ومَنْ مَعَهُ، وقَدْ تَقَدَّمَ مَعَنَا قَرِيْبًا أنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عِنْدَما بَعَثَ إلى طَلْحَةَ والزُّبَيْرِ يَقُوْلُ: «إنْ كُنْتُمْ عَلَى ما فَارَقْتُمْ عَلَيْهِ القَعْقَاعَ بْنَ عَمْرٍو فَكُفُّوا حَتى نَنْزِلَ فَنَنْظُرَ في هذا الأمْرِ، فأرْسَلا إلَيْهِ: إنَّا على ما فَارَقَنَا عَلَيْهِ القَعْقَاعَ بْنَ عَمْرٍو مِنَ الصُّلْحِ بَيْنَ النَّاسِ» (?).
ولمَّا كَانَ جَوَابُهُم عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِهَذا «اطْمَأنَّتِ النُّفُوْسُ وسَكَنَتْ
واجْتَمَعَ كُلُّ فَرِيْقٍ بأصْحَابِهِ مِنَ الجَيْشَيْنِ فَلَمَّا أمْسَوْا بَعَثَ عَلِيٌّ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبَّاسٍ إلَيْهِم، وبَعَثُوا إلَيْهِ مُحَمَّدَ بنَ طَلْحَةَ السَّجَّادَ وعَوَّلُوا جَمِيْعًا على الصُّلْحِ وبَاتُوا بِخَيْرِ لَيْلَةٍ لم يَبِيْتُوا بِمِثْلِهَا لِلعَافِيَةِ» (?).
* * *