وإجْمَاعُ السَّلَفِ قَبْلَنَا، وما يُصَدِّقُ ذَلِكَ مِنَ المنْقُوْلاتِ المُتَوَاتِرَةِ مِنْ أدِلَّةِ العَقْلِ، مِنْ أنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أفْضَلُ الخَلْقِ بَعْدَ الأنْبِيَاءِ، فَلا يَقْدَحُ في هَذَا أُمُوْرٌ مَشْكُوْكٌ فِيْهَا، فَكَيْفَ إذا عُلِمَ بُطْلانُهَا؟!» (?).
* * *
وقَدُ شَرَحَ شَيْخُنَا ابنُ عُثَيْمِيْنَ رَحِمَهُ اللهُ كَلامَ ابنَ تَيْمِيَةَ هَذَا بِقَوُلِهِ: «وهَذَا الَّذِي حَصَلَ ـ أي بَيْنَ الصَّحَابَةِ ـ مَوْقِفُنَا نَحْنُ مِنْهُ لَهُ جِهَتَانِ:
الجِهَةُ الأوْلَى: الحُكْمُ على الفَاعِلِ.
والجِهَةُ الثَّانِيَةُ: مَوْقِفُنَا مِنْ الفَاعِلِ.
أمَّا الحُكْمُ على الفَاعِلِ فَقَدْ سَبَقَ، و (هُوَ) أنَّ مَا نَدِيْنُ اللهَ بِهِ، أنَّ ما جَرَى بَيْنَهُم فَهُوَ صَادِرٌ عَنِ اجْتِهَادٍ، والاجْتِهَادُ إذَا وَقَعَ فِيْهِ الخَطَأُ فَصَاحِبُهُ مَعْذُوْرٌ مَغْفُوْرٌ لَهُ.
وأمَّا مَوْقِفُنَا مِنَ الفَاعِلِ، فالوَاجِبُ عَلَيْنَا الإمْسَاكُ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُم، لِمَاذَا نَتَّخِذُ مِنْ فِعْلِ هَؤُلاءِ مَجَالاً لِلْسَّبِ والشَّتْمِ والوَقِيْعَةِ فِيْهِم، والبَغْضَاءِ بَيْنَنَا؟ ونَحْنُ في فِعْلِنَا هَذَا إمَّا آثِمُوْنَ، وإمَّا سَالِمُوْنَ، ولَسْنَا غَانِمِيْنَ أبَدًا.