الاقْتِتَالِ والبَغْي مُؤْمِنِيْنَ إخْوَةً؛ بَلْ مَعَ أمْرِهِ بِقِتَالِ الفِئَةِ البَاغِيَةِ جَعَلَهُم مُؤْمِنِيْنَ، ولَيْسَ كُلُّ ما كَان بَغْيًا وظُلْمًا، أو عُدْوَانًا يُخْرِجُ عُمُوْمَ النَّاسِ عَنِ الإيْمَانِ، ولا يُوْجِبُ لعْنَتَهُم؛ فَكَيْفَ يُخْرِجُ ذَلِكَ مَنْ كَانَ مِنْ خَيْرِ القُرُوْنِ!
وكُلُّ مَنْ كَانَ بَاغِيًا، أو ظَالِمًا، أو مُعْتَدِيًا، أو مُرْتَكِبًا ما هُوَ ذَنْبٌ فَهُوَ قِسْمَانِ: مُتَأوِّلٌ، وغَيْرُ مُتَأوِّلٍ ... أمَّا إذا كَانَ البَاغِي مُجْتَهِدًا ومُتَأوِّلاً، ولم يَتَبَيَّنْ لَهُ أنَّهُ بَاغٍ؛ بَلْ اعْتَقَدَ أنَّهُ على الحَقِّ وإنْ كَانَ مُخْطِئًا في اعْتِقَادِهِ: لم تَكُنْ
تَسْمِيَتُهُ «بَاغِيًا» مُوْجَبَةً لإثْمِهِ؛ فَضْلاً عَنْ أنْ تُوجِبَ فِسْقَهُ» (?).
ويَدَلُّ على ذَلِكَ قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الحَسَنِ كَمَا مَرَّ مَعَنَا: «إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، ولَعَلَّ اللهَ أنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ» (?) البُخَارِيُّ.
لِذَا كَانَ يَقُوْلُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ رَحِمَهُ اللهُ: «قَوْلُهُ: (فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ، يُعْجِبُنَا جِدًّا)، قَالَ البَيْهَقِيُّ: «وإنَّمَا أعَجَبَهُم لأنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - سَمَّاهُمَا مُسْلِمِيْنَ، وهذا خَبَرٌ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله