الشريك والولد إذ إنّ منهم من توهّم أنّه ارتقى عن عبادة الأصنام فعبدوا الملائكة وقالوا هم بنات الله فقال تعالى: {بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ} أي بالقول الصدق {وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} فيما ينسبونه إليه -تعالى- من الشريك والولد1.
- ثمّ نفاهما الله عن نفسه فقال: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ} أي ليس له ولد ولا كان معه في القديم ولا حين ابتدع الأشياء من تصلح عبادته من إله إنّما هو الإله الواحد الحق لا إله إلاَّ هو، والإتيان ب (مِن) في نفي الأمرين لتأكيده2.
- ومن بعدُ بيّن الله تعالى ما يستلزمه ما يدّعيه الكفار من إثبات الشريك وهو في ذات الوقت الدليل على نفي الآلهة من دونه {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} . وفي الكلام حذف وتقديره: لو كان مع الله آلهة إذاً لاعتزل كلّ إله منهم بما خلق من شيء فانفرد واستبدّ به ولتغالبوا ووقع بينهم التطالب والتحارب فيغلب القويّ منهم الضعيف؛ لأنّ القوي لا يرضى أن يعلوه ضعيف وحينذلك لا يصلح الضعيف أن يكون إلهاً. وإذا تقررّ عدم إمكان المشاركة في ذلك وأنه لا يقوم به إلاّ واحد تعيّن أن يكون هذا الواحد هو الله سبحانه وتعالى3.