قال: يسبغ عليهم النعم ويمنعهم الشكر، وقال غير واحد،: " كلما أحدثوا ذنبا أحدث لهم نعمة ".
قال رجل لآبى حازم: ما شكر العينين يا أبا حازم؟ فقال: إنى رأيت بهما خيراً أعلنته، وإن رأيت بها شراً سترته.
قال فما شكر الأذنين؟ قال: إن سمعت بهما خيراً وعيته، وإن سمعت بهما شراً دفعته.
قال: فما شكر اليدين؟ قال لا تأخذ بهما ما ليس لهما، ولا تمنع حقاً لله هو فيهما.
قال: فما شكر البطن؟ أن يكون أسفله طعاما وأعلاه علماً.
قال: فما شكر الفرج: قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِين فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُون} (المؤمنون: الآية 5 - 7).
قال: فما شكر الرجلين؟ قال: إن علمت ميتاً تغبطه استعملت بهما عمله، وإن مقته رغبت عن عمله وأنت شاكرالله.
وأما من شكر بلسانه، ولم يشكر بجميع أعضائه، فمثله كمثل رجل له كساء فأخذ بطرفه ولم يلبسه، فما ينفعه ذلك من الحر، والبرد، والثلج، والمطر.
وكتب بعض العلماء إلى أخ له: أما بعد فقد أصبح بنا من نعم الله مالا نحصيه من كثرة ما نعصيه، فما ندرى أيهما نشكر، أجميل ما يَسّر، أم قبيح ما ستر؟!.