اتفق السالكون إلى الله على اختلاف طرقهم وتباين سولكهم على أن النفس قاطعة بين القب وبين الصول إلى الربّ، وأنه لايدخل عليه سبحانه ولا يوصل إليه إلا بعد إماتتها، وتركها بمخالفتها، والظفر بها.
فإن الناس على قسمين: قسم ظفرت به نفسه فملكته وأهلكته، وصار طوعاً لها تحت أوامرها، وقسمٌ ظفروا بنفوسهم فقهروها فصارت طوعاً لهم، منقادة لأوامرهم.
لا بعض العارفين: انتهى سفر الطالبين إلى الظفر أنفسهم، فمن ظفر بنفسه أفلح وأنجح، ومن ظفرت به نفسه خسر وهلك، قال الله تعالى:
{فَأَمَّا مَن طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} (النازعات: الآية: 37 - 41).
والنفس تدع إلى الطغيان، وإيثار الحياة الدنيا والربّ يدعو عبده إلى خوفه ونهى النفس عن الهوى، والقلبُ بين الداعيين، يميل إلى هذا الداعى مرة , وإلى هذا مرة، وهذا موضع المحنة والإبتلاء، وقد وصف الله سبحانه النفس فى القرآن بثلاث صفات: المطمئنة، واللوامة، والأمارة بالسوء فاختلف الناس: هل النفس واحدة وهذه أوصاف لها، أم للعبد ثلاثة أنفس؟.
فالأول قول الفقهاء والمفسرين، والثانى قول كثير من أهل التصوف،