تزكيه النفوس (صفحة 59)

لنفسه الزائد على الواجب يتوسع به فى التمتع بشهوات الدنيا، وهؤلاء لا عقاب عليهم فى ذلك إلا أنه ينقص درحاتهم كما قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: لولا أن تنقص من حسناتى لخالفتكم فى لين عيشكم ولكن سمعت الله عيّر قوماً فقال: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا} (الأحقاف: من الآية: 20).

وأما السابق بالخيرات بإذن الله: فهم الذين فهموا المراد من الدنيا وعملوا بمقتضى ذلك، فعلموا أن الله إنما أسكن عبادة فى الدار ليبلوهم أيهم أحسن عملاً كما قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} (الكهف: الآية: 7).

يعنى: أزهد فى الدنيا وأرغب فى الآخرة، ثم قال تعالى: {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا} (الكهف: الآية: 8).

فاكتفى السابقون منها بما يكفى المسافر من الزاد، كما قال النبى - صلى الله عليه وسلم -: " مالى وللدنيا، ما أنا فى الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها " (?).

ووصى ابن عمر - رضي الله عنه -، - صلى الله عليه وسلم -: " كن فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل " (?).

ومتى نوى من تناول شهواته المباحة التقوى على طاعة الله كانت شهواته له طاعة يثاب عليها، كما قال معاذ - رضي الله عنه -: " إنى لأحتسب نومتى كما أحتسب قومتى ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015