الزهد: هوانصراف الرغبة عن الشىء إلى ماهو خير منه، وأما العلم المثمر لهذه الحال فهو العلم بكون المتروك حقيراً بالإضافة إلى المأخوذ فما عرف أن ما عند الله باقٍ، وأن الآخرة خير وأبقى كما أن الجوهر خير وأبقى من الثلج، فالدنيا كالثلج الموضوع فى الشمس لايزال فى الذوبان إلى الانقراض، والآخرة كالجوهر الذى لافناء له، وبقدر اليقين بالتفاوت بين الدنيا والآخرة تقوى الرغبة فى البيع، وقد مدح القرآن الزهد فى الدنيا وذم الرغبة فيها.
فقال تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} (الأعلى: الآية: 16 - 17).
وقال تعالى: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ} (الأنفال: من الآية: 67).
وقال تعالى: {وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ} (الرعد: من الآية: 26).
والأحاديث فى ذم الدنيا وزبيان حقارتها عند الله كثيرة جداً.
عن جابر - رضي الله عنه - أن النبى - صلى الله عليه وسلم - مرّ بالسوق والناس كنفتيه، فمر بجدى أسك ميت فتناوله فاخذ بأذنه، فقال: " أيكم يحب أن هذا له بدرهم " فقالوا: ما نحب أنه لنا بشىء وما نصنع به؟ قال: " أتحبون أنه لكم " قالوا: والله لو كان حياً كان عيباً فيه أنه أسكّ فكيف وهو ميت؟