تزكيه النفوس (صفحة 19)

أعطى لهواه، وإن منع منع لهواه، فهواه آثر عنده، وأحب إليه من رضى مولاه، فالهوى إمامه والشهوة قائده، والجهل ُ سائقه، والغفلةُ مركبهُ، فهو بالفكر فى تحصيل أغراضه الدنيوية مغمور، وبسكرة الهوى وحب العاجلة مخمور، ينادى إلى الله وإلى الدار الآخرة من مكان بعيد فلا يستجيب للناصح، ويتبع كل شيطان مريد، الدنيا تسخطه وترضيه، والهوى يصمه عما سوى الباطل ويعميه، فمخالطة صاحب هذا القلب سقم ومعاشرته سمّ، ومجالسته هلاك.

3 - القلب المريض:

قلب له حياة وبه علة تمده هذه مرة وهذه أخرى، وهو لما غلب عليه منهما، ففيه من محبة الله تعالى، والإيمان به والإخلاص له والتوكل عليه، ما هو مادة حياته، وفيه من محبة الشهوات، وإيثارها، والحرص على تحصيلها، والحسد والكبر، والعجب، ما هو مادة هلاكه وعطبه، فهو ممتحن من داعيين: داع يدعوه إلى الله ورسوله والدار الآخرة، وداع يدعوه إلى العاجلة، وهو إنما يجيب أقربهما منه باباً، وأدناهما إليه جواراً.

فالقلب الأول: حىّ، مخبت، لين واع.

والثانى: يابس، ميت.

والثالث: مريض، فإما إلى السلامة أدنى، إما إلى العطب أدنى.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015