تزكيه النفوس (صفحة 113)

مؤمن، وكان إذا قام إلى الصلاة كأنه عود من خشية الله عز وجل.

وهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قرأ سورة الطور حتى بلغ: {إنّ عَذابَ ربِكَ لَواقِعٌ} (الطور: الآية 7). بكى واشتد بكاؤه حتى مرض وعادوه، وقال لابنه وهو يموت: ويحك ضع خدى على الأض عساه يرحمنى ثم قال: ويل أمى لم يغفر لى -ثلاثاً -ثم قضى، وكان يمر بالآية فى ورده بالله تخيفه فيبقى فى البيت أياماً يعاد يحسبونه مريضاً، وكان فى وجهه خطان أسودان من كثرة البكاء.

وقال له ابن عباس: " مصّر لله بك الأمصار، وفتح بك الفتوح وفعل " فقال: " وددت أن أنجو لا أجر ولا وزر ".

وهذا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - كان إذا وقف على القبر يبكى حتى يبل لحيته، قال: " لو أننى بين االجنة والنار ولا أدرى إلى أيتهما أصير لاخترت أن أكون رماداً قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير ".

وهذا أبو الدرداء - رضي الله عنه - كان يقول: " لو تعلمون ما أنتم لاقون بعد الموت، ماأكلتم طعاماً على شهوة، ولا شربتم شراباً على شهوة أبداً، ولا دخلتم بيتاً تستظلون به، ولخرجتم إلى الصعيد تضربون صدوركم وتبكون على أنفسكم، ولوددت أنى شجرة تعضد ثم تؤكل ".

وكان ابن عباس - رضي الله عنه - أسفل عينيه مثل الشراك البالى من كثرة الدموع.

وقال علىّ -كرم الله وجهه- قد سلّم من صلاة الفجر، وقد علاه كآبة وهو يقلب يده: " لقد رأيت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم أر اليوم شيئاً يشبههم، لقد كانوا يصبحون شعثاً صفراً غبراً بين أعينهم أمثال ركب المعزى، قد باتوا سجداً وقياما يتلون كتاب الله، يراوحون بين جباههم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015