فلما أبطأ عليهم خرجوا فوجدوه وقد فات وسار إلى أن نجا. فلحق بطليلة وردّ رمكتهم، فتقبله أهلها، وأجاروه. وكان يحيى المعروف بأبزي وطالبهم الأمير الحكم، بإسلامه إليه. فلم يفعلوا ومنعوه بعزة أنفسهم.

فأتاه كتاب الأمير أخيرا في الرجوع الى وطنه، وبذل له الأمان، ؤيرد عليه متاعه وماله، وكان يحيى قد كتب اليه في ذلك فاستجاب له، وعاد الى قرطبة أخريات أيام الحكم، فلم يزل تحت كرامته بقية أيامه، وأيام ولده، وعرض جاهه وشهر فضله وعلمه. ولما انصرف الى قرطبة، باع جميع عبيده، واستبدل بهم. فقيل له في ذلك، فقال: نكره ان يصحبنا من عرف ما دار علينا، من الهرب والذل. وامتدت أيامه، الى أن توفي، لثمان بقين في رجب، سنة أربع وثلاثين ومائتين، فيما قاله ابن الفرضي. وقال الرازي عشية يوم الأربعاء لثمان بقين من ذي الحجة. وقيل إنما توفي سنة ثلاث وثلاثين. حكاه أبو عمر الحافظ، وكان سنّه يوم توفي: سنتين وثمانين سنة. وترك ابنين يأتي ذكرهما. ولما مات يحيى، أسند وصيته إلى القاضي محمد بن زياد بن ربيع، أجل خاصته. وهو الذي صلى عليه بعد موته، فذكر أن ابنه الأصغر عبيد الله كان قدّمه، وأن ابنه الأكبر، اسحاق، تقدم بتقدمه للصلاة عليه، يكبر بتكبيرابن زياد، ويسلّم بتسليمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015