فغلبته الشهوة، وخالفني، فشهد فجاءني كتاب الأمير يقول: تصفحت الشهادة على فلان فلم أرَ لك فيه شهادة. وقد وجهت إليك بكتاب الشهادات عليه، فتصفحها وأكتب إلينا برأيك إن شاء الله. فأجابه يحيى: ما عندي من أخبار الرجل علم، لأنه لم يكن يحضرني مجلسه، ولا يشاورني في أحكامه، فأما الشهادة الواقعة عليه، فقد تصفحها ولو شهد على مالك والليث رحمهما الله تعالى بمثلها ما رفعا بعدها رأساً. فعزل لحينه. قال يحيى: وأخبرني الليث أنه أخذ بركاب ربيعة. فقال له ربيعة: يا ليث: خدمك العلم. قال يحيى وإنما أراد ربيعة أن يبلغ مبلغ الكرامة، فما خرج يعني الليث من الدنيا حتى رأى ذلك. قال يحيى: وأخذت أنا بركاب الليث. فقال لي: أقول لك ما قال لي ربيعة: خدمك العلم يا يحيى. قال يحيى بن إسحق: ذكر يحيى ابن يحيى حديثاً يرويه عن يحيى بن أبي كثير، قال: لا يستطاع العلم براحة الجسم. قال وإن رجلاً ممن بلغه هذا الحديث من طلبة العلم، ذكره وهو على بطن امرأته، قبل أن يفضي إليها. فأخذ دفتراً من العلم ينظر فيه. قال يحيى: ولقد طلبت هذا الأمر

يوم طلبته ولا أريد إلا نفسي. حتى هيّأ الله ما هيأ. فعلمت أن الناس يحتاجون إلي، ولقد تقت إلى النساء في أيامي، مع ابن القاسم بمصر، فاشتريت جارية بها. فوالله ما رأيت لها وجهاً نهاراً، طول ما قامت عندي، حتى بعتها اشتغالاًً بابن القاسم وعلمه. وكان ابن القاسم موضع دلك وأهله، في روعة وأمانته. وقيل لي يا أبا محمد فتمني هذا الأمر، مما يفسد النيّة. فقال: لا والله. وما عقل من لم يتمن ذلك؟ قال الله تعالى وجعلنا للمتقين إماماً. قال يحيى: كنت آتي عبد الرحمان بن القاسم، فيقول لي من أين يا أبا محمد؟ فأقول له: من عند عبد الله بن وهب. فيقول لي: اتق الله، فإن أكثر هذه الأحاديث ليس عليها العمل. ثم آتي عبد الله بن وهب، فيقول لي من أين؟ فأقول له: من عند ابن القاسم، فيقول لي اتق الله، فإن أكثر هذه المسائل رأي، ثم يرجع يحيى فيقول: رحمهما الله فكلاهما قد أصاب في مقالته. نهاني ابن القاسم عن إتباع ما ليس عليه العمل من الحديث، وأصاب. ونهاني ابن وهب عن كلفة الرأي، وكثرته، وأمرني بالإتباع وأصاب. ثم يقول يحيى: إتباع ابن القاسم في رأيه رشد. واتباع ابن وهب في أثره هدى. وكان يحيى جمع مسائل، سأل عنها أشب وابن نافع وغيرهما من أصحاب مالك، وكتبها عنهم. فعرضها على ابن القاسم، ليرى فيها مذهبه، فجعل ابن القاسم ينتقص عليهم، فلما رأى يحيى ذلك طوى كتابه، وادخله في كمه. فقال له ابن القاسم ما بالك. فقال إن هؤلاء لهم علي حق كحقك، وقد كتبت عنهم ولم أرد أن أعرّض بهم، إلى الوقوع فيهم. فإذا كان هذا، فلا حاجة لي بذلك، ومثله له معه في سماع وزياد. وقد ذكرناه، في خبره. ووقع الأمير عبد الرحمان على جارية له في يوم من رمضان ثم ندم، وبعث في يحيى وأصحابه، فسألهم. فبادر يحيى وقال: يصوم الأمير، أكرمه الله شهرين متتابعين. فلما قال ذلك يحيى: سكت القوم. فلما خرجوا سألوه لم خصه بذلك دون غيره مما هو فيه، تخير من الطعام والعتق؟ فقال لو فتحنا له هذا الباب وطىء كل يوم وأعتق. فحمل على الأصعب عليه لئلا يعود. م طلبته ولا أريد إلا نفسي. حتى هيّأ الله ما هيأ. فعلمت أن الناس يحتاجون إلي، ولقد تقت إلى النساء في أيامي، مع ابن القاسم بمصر، فاشتريت جارية بها. فوالله ما رأيت لها وجهاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015