بداية سنة /1302 اواخر 1884 انكف الشيخ عبده عن النشاط بسبب وباء الكوليرا الذي اجتاح باريس، والذي اجبره على إيقاف صدور العروة الوثقى، فتوجه عن طريق البحر إلى تونس التي وصلها في 19 صفر 1302/ 6 ديسمبر 1884، واقتبله الباي وولي عهده، والأميران حسين والناصر، ومدرسو جامع الزيتونة وأكثر الأعيان، ويبدو أن المترجم ساهم في حرارة هذا الاقتبال وهو نفسه استدعى عبده إلى منزله في ليلة 25 إلى 26 صفر (12 إلى 13 ديسمبر) وحضر بعض الاجتماعات الاخرى المنعقدة حول الزائر الشهير، وبعد أن حضر الاحتفال بعيد المولد النبوي بارح الشيخ عبده تونس يوم الأحد 17 ربيع الأول 1302/ 4 جانفي 1885.والمناقشات الجدية المحدودة في دوائر محصورة التي تسببت فيها زيارة عبده لم تبطئ بظهور أثرها في بادرة عمل كان أول مظهر لمقاومة الاحتلال من سكان العاصمة، فمنذ 16 جمادي الأولى 1302/ 3 مارس 1885 انطلقت حركة احتجاج ضد الاجراءات التي اتخذتها السلطة الفرنسية، وهذه الاجراءات البلدية كالقوانين الجديدة تمس حياة السكان التونسيين بالعاصمة، وانعقدت اجتماعات بجامع الزيتونة وغيره، وتكونت مواكب في المرسى أمام قصر الباي واقتبل الوفود الموكلة من السكان، ودارت محادثات مع الوزير الأول، كل هذا جرى خلال شهر أفريل وقسم من شهر ماي، وهذا الهيجان أجاب عنه المقيم العام بول كامبون بإصدار بعض الأوامر وبضغط قوي على الباي وبمسارعة إنذار الادارة المباشرة وردع لحق عددا من الأعيان، وألقي القبض على المترجم بقرار في شعبان /1302 ماي 1885 وعزل من كتابة جمعية الأوقاف، ونفي إلى قابس لأنه كان من زعماء الحركة ولسانها المدافع، ووقع تفتيش منزله وحجز أوراقه، ويبدو أنه لم يتحمل الصدمة فطلب العفو فعفي عنه بعد ثلاثة أشهر من نفيه في النصف الأول من ذي القعدة /1302 أوت 1885، وقادة الحركة الآخرون قاموا بمساع وحرروا رسائل الاعتذار التي طلبت منهم، وطرحت العقوبات المتخذة ضدهم، كل هذا هيأ المترجم للتعاون مع سلطة الحماية، وسبق ذلك إعداده نفسانيا في قابس من قبل يوسف اليقرو والضباط الفرنسيين بهذه المدينة، وبعد زمن قليل من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015