عمر أبا بكرة ونافع بن الحارث وشبل بن معبد - يعني في شهادتهم على
المغيرة بن شعبة - قال: فاستتاب نافعًا وشبلًا فتابا، واستتاب أبا بكرة
فأبى وأقام فلم يمَبل شهادته وكان أفضل القوم. قال أبو عثمان: كنت
خليلًا لأبي بكرة فقال لي: " أيرى الناس أني إنما عتبت على هؤلاء في
الدنيا؟ قد استعملوا عبيد الله - يعني ابنه - على فارس، واستعملوا أخاه
روادًا على دار الرزق، واستعملوا أخاهما عبد الرَّحمن على الديوان
وبيت المال، أفليس في هؤلاء دنيا؟ إنما عتبت عليهم؛ لأنهم كفروا
صراحًا. وقال الحسن: مر بي أنس وقد بعثه زياد إلى أبي بكرة يعاتبه،
فانطلقت معه فدخلنا على الشيخ وهو مريض فأبلغه (عنه) (?) قال: إنه
يقول: ألم أستعمل محمد الله وروادًا وعبد الرَّحمن؟ فقال أبو بكرة:
هل زاد على أنَّ [أدخلهم] (?) النار؟ فقال أنس: إني لا أعلمه إلَّا
مجتهدًا. فقال الشيخ: اقعدوني إني لا أعلمه إلَّا مجتهدًا! وأهل
حروراء قد اجتهدوا فأصابوا أم أخطئوا؟ قال أنس: فرجعنا مخصومين.
وروي عن الحسن قال: لما احتضر أبو بكرة قال: اكتبوا وصيتي.
فكتب الكاتب: هذا ما أوصى به أبو بكرة صاحب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فقال: امح هذا واكتب: نفيع الحبشي مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يشهد
أن الله ربه، وأن محمدًا نبيه، وأن الإسلام دينه، وأن الكعبة قبلته،
وأنه يرجو من الله ما يرجوه المعترفون بتوحيده الموقنون بوعده ووعيده.
قال المدائني: مات سنة خمسين. قال مسدد: مات هو والحسن بن
علي في سنة واحدة. وقال المفضل الغلابي: مات في سنة إحدى
وخمسين وأوصى أن يصلي عليه أبو برزة.
وقال خليفة وغيره: مات سنة اثنتين وخمسين بالبصرة.