وكثير من هؤلاء لم يلقه بل أرسل عنه، قدم من اليمن فأسلم
ثم خرج إلى الشام فسكن حمص، ومات في خلافة عثمان، وكان سعيد بن
عبد العزيز يقول: أسلم كعب على يد أبي بكر، وقال علي بن زيد بن جدعان
عن ابن المسيب: أن العباس قال لكعب: ما منعك أن تسلم على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-
وعهد أبي بكر حتى أسلمت الآن؟ فقال: إن أبي كتب لي كتابًا من التوراة ودفعه
إليّ وقال: أعمل بهذا وختم على سائر كتبه وأخذ عليّ أن لا أفض الخاتم، فلما
كان الآن رأيت الإسلام يظهر ولم أر بأسًا، قالت لي نفسي: لعل أباك غيب
عنك علمًا ففضضت الخاتم، فقرأت فوجدت صفة محمد -صلى الله عليه وسلم- وأمته؛ فجئت
مسلمًا فوالى العباس. وقيل: ذكر أبو الدرداء كعبًا فقال: إن عند ابن الحميرية
لعلمًا كثيرًا. وقال معاوية بن صالح: عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير قال:
قال معاوية: ألا إن أبا الدرداء أحد الحكماء، ألا إن عمرو بن العاص أحد
الحكماء، ألا إن كعب الأحبار أحد العلماء؛ إن كان عنده لعلم كالثمار وان كنا
فيه لمُفَرّطين. وروى أسامة بن زيد الليثي عن أبي معن قال: لقي عبد الله بن
سلام كعب الأحبار عند عمر فقال: يا كعب، من أرباب العلم؟ قال: الذين
يعملون به. قال: فما يذهب العلم من قلوب العلماء بعد أن حفظوه وعقلوه؟
قال: يذهبه الطمع وشره النفس وتطلب الحاجات إلى الناس. قال: صدقت.
وقال خالد بن معدان: عن كعب قال: لأن أبكي من خشية الله أحبَّ [إليّ] (?)
من أن أتصدق بوزني ذهبًا. وقال أبو الصباح عبد الغفور: عن همام قال:
دخلنا على كعب وهو مريض، فقلنا: كيف تجدك أبا إسحاق؟ قال: أجدني
جسدًا مرتهنًا بعملي، فإن بعثني الله من مضجعي بعثني ولا ذنب لي، وإن
قبضني قبضني ولا ذنب لي. قال الوليد بن مسلم: عن صخر بن جندل، عن
يونس بن ميسرة، عن أبي (فوزة) (?) حُدَيْر السلمي قال: خرج بعث الصَّائفة
فاكْتَتَبَ فيه كعب أحسبه قال: فخرج وهو مريض، فقال: لأن أموت بِحَرسْتَا (?)
أحبّ إليّ من أن أموت بدمشق، ولان أموت بدومة أحبّ إلي من أن أموت